ذاكرة مدينة لا تموت
تملك مدينة حمص مكانًا فريدًا في الوجدان السوري، ليس
فقط بسبب موقعها الجغرافي أو تاريخها الطويل، بل لأنها مدينة تُروى من خلال ناسها.
ولهذا جاء قسم «قصص
أهل حمص» ليكون
مساحة مخصّصة لتوثيق حكاياتهم، وتجميع أصواتهم، وفتح نافذة واسعة تطل على ذاكرة
المدينة الحقيقية: ذاكرة الناس. فالتاريخ لا يُكتب فقط في الكتب والأرشيفات، بل
يُحفظ في تفاصيل الحياة اليومية، في تجارب الأفراد، وفي القصص التي تنتقل من جيل
إلى آخر.
في هذا القسم، نسلّط الضوء على أشخاص ربما لم يصلوا
إلى العناوين العريضة في الإعلام، لكنهم كانوا جزءًا أصيلًا من نسيج المدينة. منهم
المعلم الذي صنع ذكريات أجيال، والحرفي الذي بقي متمسكًا بصناعته القديمة، والمرأة
التي تحافظ على تقاليد حمص في بيتها، والشاب الذي واجه الظروف الصعبة بإبداع أو
فكرة جديدة. كل قصة تكتب هنا هي لبنة إضافية في بناء صورة أكثر اكتمالًا عن حمص.
وتتميّز قصص أهل حمص بطابع إنساني عميق؛ فهي تجمع بين
البساطة والصدق، وتكشف المكانة العاطفية التي تربط الحماصنة بمدينتهم. من حكايات
الأسواق القديمة، إلى المقاهي الشعبية، إلى الأحياء التي شهدت أفراحًا وأزمات،
يبقى القاسم المشترك هو الإصرار على الحياة. الكثير من القصص تحكي عن عائلات صمدت
رغم الظروف، شباب قرروا إطلاق مشاريع صغيرة، فنانين أبقوا الموسيقى والمسرح حيّين،
ونساء حملن مسؤولية منازلهن ومجتمعهن بصلابة.
كما يهدف هذا القسم إلى حفظ التراث الشفهي الحمصي من
الضياع. فالحكايات الشعبية، المواقف الطريفة، الأمثال المتداولة، وعادات
المناسبات؛ كلها تشكل جزءًا من هوية المدينة. وعبر جمع هذه القصص وتوثيقها، نعيد
تقديم حمص كما هي: مدينة حيّة، نابضة، صادقة، وسخية بروحها.
ولا يقتصر دور «قصص أهل حمص» على الماضي فقط، بل يمتد
ليشمل الحاضر أيضًا. فاليوم، تظهر نماذج شابة تصنع حكايات جديدة بجهود فردية،
أعمال إبداعية، مبادرات اجتماعية، أو نجاحات مهنية تستحق أن تُروى. هذه القصص ليست
مجرد سرد، بل هي مصدر إلهام ودليل على قدرة المدينة على التجدد رغم كل ما مرت به.
في النهاية، يبقى هذا القسم مساحة وجدانية لكل من
يريد أن يعرف حمص من الداخل، من خلال ناسها. هنا، تُكتب القصص التي تصنع الهوية،
وتُروى الحكايات التي تشبه المدينة وسكّانها: حقيقية، قوية، ومليئة بالحياة.
Leave a Reply
Your email address will not be published. Required fields are marked *





